القراءة مدخل لتنمية الحکمة لدى الموهوبين ذوي صعوبات التعلم

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

الموهوبون مصدر قوة للمجتمعات، وتقدم الدول يعود إلى عقول أبنائها الموهوبين، لذا فإن الاهتمام بهذه الفئة، وتقديم الخدمات التربوية، والرعاية والإرشاد النفسي بات امراً ملحا لبناء الطالب الموهوب.
ولأن الحکمة (Wisdom) کما أوضح استيرنبيرج (Sternberg, 2001) ذات علاقة وثيقة بالموهبة؛ لکونها تحتل رأس هرم العمليات العقلية، کما أنها متعددة الأبعاد؛ حيث تتداخل مفاهيميًا مع غالبية أنواع العمليات العقلية؛ کالتفکير الناقد، والإبداعي، والتأملي، وحل المشکلة، واتخاذ القرار، والتفکير ما وراء المعرفي، ولأنها أيضا کما يرى باسکال – ليون (Pascual- leaone, 1995) هي الغاية النهائية الممکنة لنمو الإنسان وتطوره، وأن التکامل لمقومات الفرد وقدراته هو ما يمهد الطريق أمام الحکمة للظهور، وخاصة عندما تصل قدرات الإنسان إلى أقصى مدى ممکن.
وبما أن الحکمة حالة عقلية سلوکية تتضمن التکامل، والتوازن، والتفاعل بين الجوانب العقلية، والوجدانية، والدافعية في الأداء الإنساني، لذا يجب تربية أبنائنا تربية للمستقبل؛ ومستقبل التربية في الحکمة، ولکي تکون التربية فعالة؛ فهي بحاجة لأن تکون تربية من أجل الحکمة، تربية تتوازن فيها اهتمامات الفرد الشخصية مع اهتمامات الآخرين، والسياق الاجتماعي البيئي المحيط بالفرد (محمد غازي الدسوقي، 2007).
لذا فإن الاهتمام بالحکمة، وتنميتها خاصة لدى الموهوبين الذين هما أمل أي مجتمع قد نال اهتمام العديد من الأبحاث النفسية والتربوية لکونها تعد من المتغيرات المعرفية التي لها الدور المحوري في تشکيل فاعلية الفرد (اسبينوول وأورسولام، 2003)، وأوضح الله عز وجل في کتابه العزيز أن الحکمة خيرٌ عظيمٌ في قوله تعالى: "يؤتى الحکمة من يشاء ومن يؤت الحکمة فقد أوتي خيراً کثيراً وما يذکر إلا ألو الألباب" (البقرة، 269)، کما رفع الله قدر لقمان الحکيم، ووصفه بالحکمة، وذکر مواعظه في آيات تتلى إلى قيام الساعة (لقمان، 12-19).
ولعل من المسلمات أن القراءة تکسب الفرد المعرفة، وتوسع مدارکه، کما أنها مدخل لإکسابه الحکمة من خلال التعرض لخبرات الآخرين، وهو ما اتفق مع ما ذکره استرنبرج  Sternberrg عندما ذکر أن تشجيع الطلاب على القراءة، وفهم المغزى منها يعد من أهم المبادئ المستمدة من نظرية التوازن التي تشکل جوهر تنمية الحکمة في الفصول الدراسية (Sternberrg, R.J, 1998).
 ومن أجمل ما قيل في القراءة أنها "تضيف أعمارا لعمر صاحبها" (عباس العقاد)، وکذلک "القراءة هي متعة التجول في عقول الآخرين" (جان بول سارتر)، وأستطيع أن أقول أن " القراءة طريق الحکمة"؛ مستندا لما ذکره "لي منج تشين، وآخرون" (Li-Ming Chen, et al, 2011) أن القراءة واحدة من ثمانية عوامل مؤثرة في تطور الحکمة لدى الفرد؛ حيث ذکر أن هذه العوامل تمثلت في (القراءة، تجارب العمل، والتجارب الحياتية، والتفاعلات الاجتماعية، والملاحظات، وتعاليم الأسرة، والتنمية المهنية، والدين( واتفقت معه (Mary A, 2014) بأنها طريقة مبدعة ومرنة في التوجيه.